نجاة سعدي يوسف

المقاله تحت باب  في السياسة
في 
08/09/2012 06:00 AM
GMT



لم يكن سعدي يوسف جالساً في نادي اتحاد الأدباء حين هجم جنود عراقيون بأمر من قيادتهم ليحطموا النادي ويضربوا رواده بالهراوات وأعقاب البنادق. ولم يكتف الجنود باتحاد الأدباء إنما هاجموا بالطريقة نفسها نادي السينمائيين ونادي الصيادلة، وأكملوا مهمتهم بتحطيم سائر النوادي في وسط بغداد.
 
توقع سعدي يوسف هذا السلوك وغيره من حكام العراق بعد الاحتلال، هو الذي كان يعارض استبداد صدام حسين. وعبّر عن يأسه مبكراً من هؤلاء الغارقين في المال العام يمارسون سياسات بدائية وصراعات صغيرة على المصالح.
 
لكن تحطيم نادي اتحاد الأدباء يأتي قبل ثلاثة أشهر من إعلان بغداد عاصمة ثقافية عربية للعام 2013. وهي الطريقة العراقية الجديدة لهذا الإعلان، كي لا تكون ثقافة عراقية في بغداد، فضلاً عن ثقافة لكل العرب.
 
ولم يسأل أحد عما إذا كانت القوة الخاصة التابعة للجيش العراقي تنفذ أمراً قضائياً، فمثل هذا السؤال لا يطرح في بغداد حيث تملأ قوات الحكومة فراغاً تركه تنظيم القاعدة، كلاهما يفجر أو يحطم، وإذا غاب واحدهما يحضر الآخر.
 
يتداول العراقيون هذه الأيام هجائية لأحمد مطر، جاء فيها:
 
«كان فينا قاتل
 
يمكن أن نهرب من عينيه
 
أو نستغفله،
 
أو يلاقي غفلة منا
 
فيلقينا لفكّ المقصلة،
 
غير أنّا في مدى أكثر من عشرين عاماً
 
لم نشيّع غير مليون قتيل
 
وسط إعصار ثقيل
 
من عقوبات وتنكيل
 
وأمراض وجوع وحروب فاشله
 
فلماذا موته أصبح مقروناً
 
بميلاد ألوف القتله
 
ولماذا في مدى خمسة أعوام
 
على حكم الفئات الفاضله
 
ضوعف القتلى لدينا
 
دون أن يعرف منهم أحد من قتله»
 
أحمد مطر يشفي غليل العراقيين، لكن سعدي يوسف، شاعر العراق الأكبر الحي يبقى في منفى أراده وطناً، يأساً من وطنه الأصلي.
 
وفي وطنه/ أوطانه البديلة، بل في مقهاه المتعدد، يكتب:
 
«مضى صيف القرنفل
 
لا تقل لي. أجيء غداً إليك
 
وثَمَّ كاس ستجمعنا
 
وأسماك
 
ونخل
 
ولا نلجأ لسومر والمراثي ببابل والسواد الخ... الخ...
 
لا،
 
مضى صيف القرنفل
 
واستقرت عميقاً وردة الزرنيخ
 
أبعدْ
 
ولا تأتِ.
 
العراق الذي أحببت لم يعد
 
العراق الذي أحببت لم يعد
 
انتظرنا
 
وانتظرنا
 
قد مضى صيف القرنفل، وانتهينا».